لا يمكن أن نحقق شرط العمل الثقافي بدون هذه النزعة الإنسانية بدون أن يكون الإنسان إنسانا أولا، أن يهرب من حيوانيته وأن يتمسك بالقيم الجميلة والنبيلة التي تواضعت عليها الديانات والفلسفات منذ أن خلق الله الإنسان على الأرض.
فالمسرح مدرسة للتربية والتعليم والمتعة والإمتاع والمؤانسة، والكل يمثل في هذه الحياة؛ ولكن هناك من يمثل وهو يعي بأنه يمثل وهو ما يسمى بالممثل في المسرح، وهناك من يمثل دون أن يعي ذلك مثل المحامي في المحكمة والأستاذ والمتسول الذي يلعب أدوارا مختلفة لاستمالة قلوب الناس…
ولا يمكن أن يكون المسرح إلا احتفال عاما، وهذه الاحتفالية لها وجود في حياتنا الاجتماعية والسياسية والدينية أيضا. فابن المقفع لما أراد أن يخوض في الأمور السياسية في عصره، التجأ إلى التمثيل وأخذ عالم الحيوانات والطيور ليحاكي ويتمثل أهواء الناس وغرائزهم، ليوجه دروسا تربوية وسياسية من خلال عالم الحيوانات.
وأخيرا يمكن القول، بان التراث العام هو الأرضية الفكرية والجمالية والمعرفية والأخلاقية للمسرح الاحتفالي الذي له فلسفة هي الفلسفة الاحتفالية، نظرا لما يزخر به من صور وحكايا، وأمثال ودروس وعبر.