بتنسيق مع شبكة ملتقى الجمعيات بوجدة، نظم مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بمقره بوجدة، تاريخ 27 دجنبر 2008. المائدة المستديرة الأولى لمناقشة موضوع
الأزمة المالية العالمية الراهنة وانعكاساتها على الاقتصادالوطني
وقدحضر اللقاء الفعاليات الفكرية والإعلامية والاقتصادية بالجهة، إضافة إلىممثلينعنمختلف الجمعيات المدنية وأساتذة المؤسسات الجامعية والباحثون في المجال الاقتصادي.
وقد استهل اللقاء العلمي بكلمتي افتتاح، أشار في أولها الأستاذ بلبشير رئيس شبكة ملتقى الجمعيات إلى أهمية الموضوع، ومنوها وشاكرا مبادرة مركز الدراسات بانفتاحه على مختلف مكونات النسيج الجمعوي، وإتاحته لفرصة العمل المشترك من أجل تعميق النقاش حول قضايا وأبعاد الأزمة الحالية….
أما الكلمة الثانية فكانت ترحيبية باسم المركز للحضور، وألقاها الدكتور حاجي البكاي أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الأول، وأشار فيها إلى مواكبة المركز لجل القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية… سواء الوطنية أم الدولية. حيث سرعان ما يبادر المركز إلى تنظيم جملة من الفعاليات العلمية التي تتغي المناقشة العميقة وتقريب وجهات النظر حولها، والأهم الوقوف على انعكاساتها القريبة والبعيدة على النسيج الاجتماعي المغربي… وفي هذا الصدد عقدت مائدة مستديرة لمناقشة قضايا التمويلات البديلة في المغرب، توجت بعدها بندوة وطنية حول آفاق التمويلات البديلة بالمغرب، متسائلا هل الأزمة الحالية مجرد قطرة أفاضت الكأس لنمو غير عاد للاقتصاد العالمي؟ وهل الأزمة هي بداية النهاية للنظام الاقتصادي العالمي؟… داعيا إلى الأخذ بتنبؤات الخبير الدولي مأخذ الجد خصوصا وأنه تحدث في السنة الماضية عن أن الأزمة المالية آتية…
وللإشارة فإن الفعالية قد أطرت بمداخلة أولى للدكتور عبد القادر بندالي الخبير والمستشار في المالية الدولية بفرنسا بعنوان:”نحو نهاية النظام الاقتصادي العالمي”، الذي كان نتيجة منطقية لضخامة الديون المالية المتراكمة منذ عقود على الولايات المتحدة الأمريكية، سواء ديون الدولة التي تزاد في كل ثانية بحوالي 100 ألف دولار، أو ديون استهلاكية للمواطن الأمريكي، إضافة إلى ديون الشركات التي تقدر بملايير الدولارات…
وأشار المحاضر إلى ضخامة الدين الأمريكي في ازدياد مستمر، مما يرشح الأزمة إلى التفاقم للوصول إلى درجة الانفجار… معتبرا أنه يستحيل على الولايات المتحدة الأمريكية أداء ديونها، وبالتالي أصبحت أمام خيارين لا ثالث لهما إعلان إفلاس الولايات المتحدة الأمريكية أو خفض عملة الدولار إلى أدنى مستوى بحوالي 90بالمائة… مشيرا إلى الأزمة الحالية هي فقط البداية لأزمات كبرى ستشهدها أمريكا والدول المحيطة بها مثل بريطانيا وإسرائيل… متنبأ بأنها ستعرف أزمات اقتصادية حادة بعد غشت المقبل…
وقد اعتبر المحاضر أن هجرة الاقتصاد الفعلي من الولايات المتحدة الأمريكية إلى دول شرق آسيا كانت أحد الأسباب في تفجير الأزمة، إذ عقب انتهاء الألعاب الأولمبية في الصين بدأت الأزمة الاقتصادية في أمريكا والتي توجت بانهيار أحد البنوك الكبرى وهو :”ليمنز برادر”، مشيرا إلى أن الإعلام الغربي حاول تحجيم الأزمة في انهيار بنك واحد في حين أن عدد البنوك الكبرى على شاكلة “ليمنز” بل وأكبر منها مثل بنك :”واشنطن موتيال” وبنك “سانديرسون”، والتي انهارت بشكل كلي وتصل إلى حوالي 25 بنكا في أمريكا لوحدها، مشيرا إلى المنظمة المشرفة على الأبناك الأمريكية رصدت حوالي 90 بنكا في طريق الإفلاس بيد أن هذه الأخبار لا يتم تداولها عالميا كي لا تنهار الثقة في اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، وخصوصا وأننا نلاحظ أن خبر انهيار بنك واحد سبب هلعا عالميا كبيرا…
وقد المحاضر كلمته بالإشارة إلى الحل الكفيل بتجنيب الاقتصاد مثل هذه الأزمة، هو الاعتماد على نظام “الفائدة صفر”، مشيرا إلى تفطن اقتصاديات دول شرق آسيا للأمر بعد دراسات وتجارب مشتشهدا في المجال بالتجربة اليابانية والماليزية…
في حين كانت المداخلة الثانية للدكتور محمد الشيكر مدير مختبر الأبحاث والدراسات الدولية بالمغرب في موضوع: “تداعيات الأزمة المالية على اقتصاد المغرب والدول العربية”، معتبرا تجلياتها الماثلة للعيان في أربعة مكنزمات، الأولى تتعلق بالتجارة الخارجية حيث أن نسبة الانفتاح الوطني تقدر بحوالي 56 بالمائة، أي أن علاقة الاقتصاد الوطني بالأجنبي علاقة وطيدة ومن خلال هذه القناة ستترتب الأزمة، حيث نشهد انخفاضا في الصادرات المغربية وسجلت بعض المراكز العلمية تسجيل نسبة 40 بالمائة ويعني هذا انخفاض في فرص العمل.
والثانية في الاستثمارات الأجنبية بالمغرب وهي قناة لا تشهد اتفاقا بين الباحثين والمتتبعين بيد أن هناك حديثا عن انخفاض ونقص في الاستثمارات الأجنبية بسبب انخفاض الطلب إلى درجة القول بانسداد آفاق هذه القناة، مثلا هناك تحويلا للشركات الكبرى إلى المغرب وهو ما يمكن اعتباره معطى إجابي للدول المستقبلة… بيد أن هذا لا يمنع من الإشارة إلى انخفاض إنتاج الشركات الأجنبية في المغرب خصوصا في قطاع السيارات مثل شركة “رونو” التي تشهد إشكالية التسويق، وأصبحت نشهد الآن مشاكل بعض الصناعات التكميلية في طنجة…
والثالثة تحويلات العمال المقيمين بالخارج لا شك أن الكل يعرف الأزمة التي يعاني منها العمال بالخارج فالكثير منهم فقدو عملهم وقرر بعضهم إرجاع عائلاتهم إلى المغرب، وبالتالي يتوقع أن تتراجع التحويلات بشكل كبير وهي تحويلات مهمة للاقتصاد المغربي… خصوصا وأنها أساسية وبها يمكن شراء المواد الأساسية للاقتصاد الوطني فنسبتها السنوية تقدر بحوالي 5.5 مليار دولار…
والقناة الرابعة هي السياحة وستعرف مشاكل نظرا للبطالة التي ستشهدها أروبا باعتبارها دولا مصدرة للسياحة بالنسبة للمغرب، وستنعكس أساسا على الفندقة والنقل وهو ما تظهره الإحصائيات الأولية التي تسجل انخفاض يصل إلى حوالي 50 في المائة.
هذه القنوات الأربعة هي عمدة الاقتصاد الوطني، فيها جوانب ايجابية وسلبية… ويمكن تجاوز الأزمة داخليا بتدعيم الاقتصاد الوطني والاهتمام بالاقتصاد الفعلي، عن طريق تشجيع ومساعدة المقاولات الداخلية لتكون في مستوى التنافس، ودعم القدرة الشرائية للمواطن ورفعها عن طريق الضرائب والأجور… وبإعادة النظر في سياسة الانفتاح والاعتماد على السوق الخارجية التي بينت خطورتها على الاقتصاد الوطني.
وقد ختمت المائدة المستديرة بنقاشات وتساؤلات عدة شملت أبعاد الأزمة وتجلياتها على الاقتصاد المغربي، وكيفية مواجهتها على الصعيد الوطني…