في إطار سلسلة الحلقات العلمية التي ينظمها، استضاف مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة، الأستاذ د. عبد الرزاق الحمزاوي (عضو المجلس العلمي المحلي بالراشدية) لتقديم محاضرة في موضوع نحو تنزيل صحيح للقرآن الكريم في واقع الأمة، وذلك مساء الجمعة 23 مارس2012 ، بحضور نخبة من الطلبة والباحثين والأساتذة.
في كلمته التقديمية، أشار الدكتور عبد الحميد أسقال أن مداخلة الأستاذ عبد الرزاق الحمزاوي تندرج ضمن الانشغالات الفكرية التي تعمل من أجل إعادة بناء النسق الثقافي للمسلم المعاصر وفق منهج يحاول الإحاطة بكل المستويات (الفرد، المجتمع، الأسرة، النظم والعلاقات).
استهل د. عبد الرزاق الحمزاوي حديثه عن معاناة المجتمع البشري المعاصر وما يعيشه من إفلاس وانتكاسة على جميع الأصعدة، ليؤكد أن على المسلمين دورا لاينحصر في إنقاذ أنفسهم فقط، بل في إنقاذ البشرية برمتها مما يحيق بها من أخطار.
بعد هذا الاستهلال، انتقل المحاضر إلى صميم مداخلته التي حددها في ثلاث نقاط:
النقطة الأولى: أكد الدكتور في هذه النقطة على ضرورة تجديد فهم المصطلح القرآني، باعتبار هذا التجديد مدخلا أساسا لتنزيل صحيح للقرآن الكريم، خاصة المصطلحات ذات المركبات الإدراكية والنسقية، واصفا هذا التجديد بالمهمة الحضارية والضرورة الشرعية في أي تجديد. وقد علل ذلك لاعتبارين: أولا، ضرورة تطهير التاريخ الإسلامي مما شابه من دنس ولبس وغبش؛ والاعتبار الثاني يتمثل في الضرورة المنهجية لعملية التجديد. واقتصر المحاضر على ثلاث مصطلحات (الوحي – الترتيل – العلم).
– انطلاقا من أن القرآن الكريم وحي، فقد ميز المحاضر بين المعنى المصدري والمعنى الاسمي لمصطلح “الوحي”، داعيا إلى بناء علاقة تفاعلية بين المسلم والقرآن، تكون مؤسسة على “الوحي” بمعناه الاسمي.
– تتأسس علاقة المسلم بالوحي في إطار التوجيه القرآني الذي أكد على ضرورة “الترتيل”، وهنا تطرق الدكتور الحمزاوي إلى المستويات الدلالية لمصطلح “ترتيل” (لسانيا واصطلاحيا)، ليخلص إلى أن المعنى الذي ساد في أذهان المسلمين لم يشمل سوى معنى جزئي يكاد يكون سطحيا، في حين أن المعنى العميق لكلمة “ترتيل” مثلما جاء في أمهات المعاجم هو “حسن التأليف وحسن التنزيل”.
– أما المصطلح الثالث “العلم”، فيرتبط بالمصطلحين السابقين، وانظلاقا من اجتهادات بعض العلماء (ابن كثير والسيد قطب والمكي الناصري)، ركز الدكتور على أن العلم الحقيقي هو ما يتجلى في سلوك حامل العلم.
النقطة الثانية: في هذه النقطة تطرق الأستاذ حمزاوي إلى التنزيل على المستوى الفردي، وقد حاول، في ضوء منهج التلقي، أن يميز بين تلقي النبي للوحي وتلقي المسلم للقرآن بوصفه وحيا وهو ما أسماه بتلقي الشهود.
النقطة الثالثة: هنا تطرق الأستاذ إلى التنزيل على المستوى المجتمعي، مركزا على أهمية (النظر في المآلات)، حتى يكون التنزيل لفائدة الأمة وفي مصلحتها. وقد أنهى مداخلته بالتساؤل حول العوائق التي تعترض المسلم في استيعاب القرآن الكريم، وأهمية الفهم والاستيعاب في تنزيل القرآن تنزيلا صحيحا.