معلوم أن مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية عمل منذ افتتاح موسمه العلمي (برسم السنة 2012 ـ 2013) على الانفتاح أكثر على المجتمع، وعلى ما يتصل بالمجتمع واهتماماته الفكرية والأدبية والفنية و.. الإنسانية بوجه عام.
ومن هذا المنطلق، وتأسيسا على مبدئه العام : ” نحو بحث علمي يصغي لأسئلة المجتمع، ومجتمع يسترشد بالبحث العلمي”، شهد منار المعرفة مساء يوم السبت 08 دجنبر 2012 الحلقة الثانية من منتدى الرأي بعنوان : ” الحرية في المجتمعات الإسلامية بعد ثورات الربيع العربي “ التي أطرها الدكتور ماء العينين محمد الامام.
فبعد الكلمة الترحيبية للدكتور الحسان مصباح رئيس اللجنة العلمية، والذي أكد أن مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بإقدامه على هذه الخطوة المتمثلة في استحداث منتدى الرأي، التي أضيفت إلى مجموع الأنشطة العلمية الأخرى ( الأيام الدراسية، المحاضرات، الندوات…) التي تفتقر إلى ” ميزة التحاور “، إنما تأتي لتفسح المجال للنقاش والحوار المباشرين بين أصحاب الفكر بالمنطقة الشرقية… تناول الكلمة بعده الدكتور ماء العينين محمد الامام ليؤكد من جانبه أن الهدف من هذا المنتدى هو ليكون فضـــاء للنقاش، وما اختيار الحرية كمحور أساس للتداول إلا لأنه طرح بحدة بعد موجة الثورات العربية، خصوصا بعد وصول قوى معينة إلى الحكم، وبعدها فسح المجال للحضور الذي ضم نحوا من ثلاثين شخصا شمل أساتذة باحثين ومفكرين وأكاديميين وإعلاميين ومهتمين، باسطا السؤال العريض والمفتوح عن ماهية المكاسب التي تحققت للحرية بعد هذه الثورات ؟
وفيما تكاثفت الآراء، تنوعت بين التقارب والاتفاق أحيانا والتباعد والاختلاف أحيانا أخرى، بينما حصل الاجتماع حول أهمية الموضوع وآنيتـه إذ رأى أحد المتدخلين بأن الحرية هي موضوع الساعة بامتياز، وأنه جاء إثر حصـــول نوع من “التماس” بين الثورة والتمرد أي بين الثورة والانقلاب، مشيرا إلى أن هناك قوى مناهضة للثورة تسعى إلى تحويلهـا إلى فوضى…، والتضييق على الحريات هو من الأسباب المؤدية إلى الفوضى، وإن كانت هناك مجتمعات تعيش حقيقة تضييقا على الحريات لكنها ـ مع ذلك ـ لم تهتد بعد إلى أن تثور مؤكدا أن التضييق على الحريات هو سبب (بالتأكيد)، لكنه ليس السبب الوحيد..
وتساءل متدخل ” هل يمكن أن تنفي دور العوامل الاقتصادية في اندلاع الثورات العربية ؟ لينتقل إلى أن هناك فهم جديد للتاريخ وليصل في النمهاية إلى الإحالة على الدكتور عبدالله العروي الذي أورد بأن العقل العربي يعيش أزمة تعريف لمفهوم الحرية…
وفي تدخل آخر أورد صاحبه بأن مفهوم الحرية مفهوم نسبي، وعلى أن الثورات العربية لم تكن في مجملها وعموميتها مؤطرة سياسيا.. إلا أن ” الخوف من الشمس لم يمنع الشروق ” كما أضاف، مبرزا أن شبكات التواصل الاجتماعي… ـ وهي نوع من “الحرية” ـ فسحت المجال للشباب من أجل النهوض والثورة، ومما أفرزته الثورة.. الحق في الولـــوج إلى المعلومة..
وفي معرض تدخل آخر، أورد صاحبه أن الثورات الحالية نعيش من خلالها شكلا آخر للثورات عكس الثورة البولشفية (مثلا) التي أفرزت تغييرا شاملا… بينما الآن / المجتمع التقليدي ” العميق ” كان وراء اشتعال الثورة ( إقدام البوعزيزي على إحراق نفسه، وثورة قبيلته كانت الشرارة الأولى )، بينما البنية الحديثة لحقت بالثورة أو ركبت عليهـــا…
هذا، وقد سطر الدكتور ماء العينين محمد الامام أربع محاور لتوجيه النقاش والحوار وهي :
1) أثر انسداد فضاء الحرية في اندلاع ثورات الربيع العربي.
2) أية مكاسب للحرية بعد الثورات ؟
3) تدبير الإسلاميين للإشكاليات المرتبطة بالحرية بعد الوصـول إلى الحكم.
4) التحديـــات والمآلات.
هذا، وبعد أن تساءل أحد الأساتذة المتدخلين عن مفهوم الحرية، وهل هناك مفهوم موحد لهـــا (؟) جاء تدخل أحدهم ليبرز أن الحرية يتهددهـا خطران : الفوضـــى ، وتمييـــع مفهوم الحرية (…)
ولقد عرفت الجلسة نقاشـات فكريـة برزت من خلال محاولة تحليل المحاور المذكورة انطلاقا من الأحداث التي عرفتها بعض الأقطار والتي لا تزال تعرفها أقطار أخرى ، وانطلاقا أيضا من مرجعيات مختلفة ( سواء أكانت متصلة بعلم الاجتماع أو بعلم النفس ) لتخلص إلى أن ” المسؤولية (مثلا) هي الغائبة لدى المواطن العربي “، وإلى أن ” العلم بالمقدمات لا يحيل دائما على العلم بالنتائج “، وإلى ” علم الكلام إسلامي جديد يلامس قضايا المفاهيم الجديـــدة “، وإلى ” استئسـاد بعض القوى ( قوى علمانية أو قوى سلفية متشددة)”.
وحرر بوجدة في : 08 دجنبر 2012
عبدالله بوكابـوس