التربية والسلوك عند المحاسبي وتأثيره على الفكر الإسلامي

في إطار سلسلة حلقاته العلمية  نظم مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة يوم الجمعة 20 ذو القعدة 1431 هـ / 29 أكتوبر 2010 ، محاضرة علمية تحت ” التربية و السلوك عند المحاسبي و تأثيره في الفكر الإسلامي” أطرتها الأستاذة غموري سميرة.

ملخص المحاضرة:

تميز الحارث المحاسبي بغزارة إنتاجه، وتعدد الحقول المعرفية التي كتب فيها، وهو أحد أقطاب الفكر التصوفي، ورائد مدرسة شكلت منارا بارزا في مسيرة الفكر الإسلامي، كان لها الأثر العميق في تنقية العقيدة الإسلامية مما علق بها من بدع وضلالات بسبب الانحرافات الكلامية والفلسفية والشطحات الصوفية، كما كان لها الفضل في التركيز على الأصول الإسلامية ومحاربة التعصب والجدل ونشر مكارم الأخلاق.

وقد ارتكز التصوف عند المحاسبي على مرتكزات هي:

– المراقبة والمحاسبة: وهي أهم ركائز مذهب المحاسبي، وقد لقب بالمحاسبي لكثرة محاسبته لنفسه، ويعرفها بأنها النظر والتثبت، والقائم على حراستها هو العقل، لذلك فهي محاسبة عاقلة وليست محاسبة هواجس ووساوس.

– الزهد: وهو لا يكون بالمال والمتاع فحسب، بل الزهد الحق يكون بالإعراض عن كل مظاهر الدنيا بما فيها الفضول، والزهد عنده ليس انعزالا بل هو مشاركة وحركة وتأثير.

– العقل: وهو موضوع محبب إلى الحارث، صنف في شأنه رسالة سماها: ماهية العقل، تميز في كتبه بعبارة العقل عن الله”، وهو عنده غريزة يتوصل بها المرء إلى معرفة أوامر الله ونواهيه وهذه الركيزة عصمت تصوف الحارث من الوقوع في الشطح والحلول.

– العلم: وهو ملازم للعقل عند المحاسبي، وهو ليس مصدر إلهام كما عند المتصوفة ولا يعلم إمام معصوم كما عند الشيعة، بل هو الكتاب والسنة، وقد شدد المحاسبي اللوم على كل متزين بالعلم، متصوفا كان أم فقيها أم محدثا أم متكلما.  

– البحث في آفات النفوس: بحث الحارث في هذا الموضوع في كتابه الرعاية على الخصوص، وقد تميز بمصطلح الغرة الذي أخذه عنه الذهبي وابن الجوزي.

أما عن تأثير المحاسبي، فقد كان في متصوفة عصره وهم تلاميذه الذين درسوا على يديه وأهمهم تلميذه الجنيد الذي تأثر به في منهجه السني. وكذلك من بين الذين تأثروا به مكي أبو طالب في كتابه قوت القلوب والغزالي في الإحياء ومن الأدباء الذين تأثروا بالمحاسبي: أبو العلاء المعري في كتابه “رسالة الغفران”  وهي مقتبسة من كتاب “التوهم للحارث”.