سأعالج الموضوع من جانبين:
جانب تاريخي، أعرض فيه المحطات الكبرى للاتجاه.
جانب تحليلي، أتناول فيه وسائل التحليل الهرمنيوطقية.
الهرمنيوطيقا:
يجمع المهتمون بالاتجاه الهرمنيوطيقي أن مصطلح الهرمنيوطيقا “مصطلح قديم ظهر في اللاهوت الكنسي بمعنى مجموعة القواعد التي يعتمد عليها المفسر في فهم الكتاب المقدس، وقد استعملت كلمة الهرمنيوطيقا في الدراسات اللاهوتية للدلالة على هذا المعنى منذ سنة 1654مـ، ولم يزل مستخدما بنفس المعنى في اللاهوت البروتستانتي، غير أن مفهومه اتسع بالتدريج، فشمل دوائر أخرى تستوعب بجوار الدراسات اللاهوتية، العلوم الإنسانية والنقد الأدبي وفلسفة الجمال والفلكلور. وإن لفظ الهرمنيوطيقا, لفظ يوناني بيري هرميناس، وضعه أرسطو كجزء من أجزاء المنطق، ويعني كما ترجمه قدماء المناطقة قضية العبارة؛ أي كيف يمكن تفسير العبارة، ثم تطور الأمر عند اللغويين وأصبح يسمى ذانترتسيونك أي قضية التفسير، ثم تطورت الأمور في العصر الوسيط عند أوغسطين وعند تاسيان وعند اورجين وفي العصر المبكر عند آباء الكنيسة من اجل معرفة كيف يمكن فهم النص الديني.
يفسر البعض الهرمنيوطيقا(Hermeneutics) بالتفسير بمعناه القديم الذي استمد الكثير من محدداته وشروطه من علم التأويل بمعناه الدينى، الذي استمد جل شروطه من مركزية النص المقدس، ومن تصور شائع مؤداه انطواء هذا النص على طبقات متعددة من المعانى والدلالات اللدنية، التي لا تكشف عن نفسها للجميع، إلا لمن لديه من المعرفة والبصيرة والقدرة ما يتيح له سبر أغوارها.
والهرمنيوطيقا قد تسمى في بعض الكتابات بعلم التأويل أو التأويلية الذي يبحث عن تفسير النص وفهمه، ويحاول بعض الدارسين ربط التسمية بالأصل اليوناني للكلمة: “herméneutique” ويترجمها بـ”فن التأويل” تمييزا لها عن “التأويل” بمعنى “interprétation“، وخصوصا أن كلمة “herméneutique” مشتقة من الكلمة الإغريقية herméneutikè المتضمنة على كلمة (technè) التي تحيل إلى “الفن” أو الاستعمال التقني لآليات ووسائل لغوية وغيرها، قصد الكشف عن حقيقة شيء ما. وعليه تعني herméneutique “فن تأويل وتفسير وترجمة النصوص” وخاصة النصوص المقدسة والكتابات اللاهوتية كما كان ذلك شائعا في علم اللاهوت المسيحي:
ومنهم من ربط بين المصطلح وبين التصور اليوناني لعملية تفسير النصوص الدينية حيث كان هرمس هو الناقل أو الوسيط بين معاني الآلهة والناس يقول احمد واعظي:” ينسب اليونانيون اكتشاف اللغة والخط إلى “هرمس”، وهما أداتا نقل المعاني للآخرين. وقد كانت عملية التفهيم هي مهمة “هرمس” الأساسية، ولعنصر اللغة دور أساس في هذه العملية بالطبع. كان “هرمس” جسراً يفسر و يشرح رسالات الآلهة, وذلك بتحوير ماهيتها ومضامينها (التي كانت فوق مستوى الفهم البشري)، من أجل تفهيمها للناس وجعلها ممكنة الإدراك من قبلهم”[1].مستشهدا بالبناء الثلاثي لعملية التفسير يقول “وقد عد بعض الباحثين البناء الثلاثي لعملية التفسير, شاهد صدق على هذا الاشتقاق، وعلى العلاقة بين كلمة هرمنوطيقا وهرمس الإله, ناقل الرسائل لدى اليونانيين، فكل شرح أو تفسير لا بد له من ثلاثة أركان أو أضلاع:
أ – العلامة أو الرسالة أو النص الذي يلزمه الفهم والتفسير.
ب- واسطة الفهم، أو المفسر (هرمس).
ج – إيصال فحوى النص ومعانيه إلى المخاطبين.
هذه البنية العامة تحتوي أهم المواضيع في الهرمنوطيقا، مواضيع من قبيل ماهية النص، والمراد من فهم النص، آلية تأثير القبليات والأحكام المسبقة في فهم النص.[2] فالمصطلح اشتق من هرمس في اليونانية وهو الملاك الذي ينقل رسائل الآلهة وتعاليمها إلى الأرض.
من هنا نفهم لماذا انتقل المصطلح من التفسير الهوميري “إنجيل اليونانيين” إلى مجال تفسير الكتب المقدسة في العصور الوسطى. حيث أصبح التفسير منصبا على المعايير والقواعد التي يمكن من خلالها فهم الكتب المقدسة وكانت المحاور الثلاثة التي يدور عليها التفسير هي: الالتزام بحقيقة النص ومغزاه الأخلاقي، ودلالته الحرفية. [3]
ومع أوغسطين ستتحدد المعاني التي يبحث عنها المفسر في:
1- الحرفي.
2- الأخلاقي.
3- الرمزي.
4– الباطني أو الصوفي.
وهذا يعني أن التأويل مرحلة من التفسير ينتهي إليها الفكر “يبين “أغسطين” Augustin في “Doctrina Christiana” أن الفكر ينتقل من الدلالة الحرفية والأخلاقية إلى المعنى الروحي. سواء في فن التأويل اللاهوتي أو فن التأويل الإنساني للعصور الحديثة، يتعلق الأمر بتأويل “صحيح” للنصوص واستخلاص معنى تنطوي عليه”[4]
وفي هذه المرحلة التي ارتبط فيها فن التأويل بإشكالية قراءة الكتابات اللاهوتية والنصوص المقدسة، ستظهر مع أحد اللوثريين (نسبة إلى رائد الإصلاح Réforme مارتن لوثر) وهو ماتياس فلاسيوس (Matthias Flacius) الثورة على سلطة الكنيسة في مسألة مصادرة حرية قراءة النص المقدس، ليقترح أولوية التراث في تأويل بعض المقاطع الغامضة من النص وطابع الاستقلالية في فهم محتوياته بمعزل عن كل إكراه أو توجيه قسري [5].
اعتبر غادامير عمل الإصلاحيين البروتستانت تطويرا للهرمونوطيقا، لأنهم عادوا إلى الكتابات المقدسة في حروفها الأولى ومارسوا عليها التأويل المطبق، يقول:” تلقت الهيرميونوطيقا دفعا جديدا بالرجوع إلى حرفية الكتابات المقدسة كما مارسها الإصلاحيون البروتيستانت يدخولهم في جدال مع عقيدة الكنيسة وكيف عالجت النص المقدس وفقا لطريقة الأناجيل الأربعة” [6]
فالتأويل هو علم التفسير أو فنه الذي اقتصر في بادئ الأمر على تأويل النصوص الدينية، ولكنه مد نطاق اهتمامه في القرن التاسع عشر ليشمل كل أنواع النصوص الأخرى، ومشاكل تفسيرها. ولأن هذا المجال المعرفي قد بدأ مسيرته العلمية في إطار النشاط الديني، فقد جعل لدور الفرد العارف بالنص الأصلي مكانة محورية في عملية التأويل تلك، تنبني عليها الكثير من المسلمات أو المصادرات المنهجية التي يقوم عليها العمل التأويلي.
وفي هذه المرحلة تم التركيز في الهرمنيوطيقا على تفسير وتحليل العهدين القديم والجديد.
ثم قام شلايرماخر بإخراجها إلى مختلف العلوم حيث أسس مجموعة من القواعد والمعايير التي تحكم عملية الفهم والتحليل.
ويعتبر ريكور أن تراكم العوامل الثلاثة التالية هي التي أدت إلى عودة الحياة إلى المسألة الهرمينوطيقية:
1- الترابط بين تفسيـــر النصــوص الدينية وفقه لغــة النصوص الكلاسيكية،
2 – تطوّر العلوم التاريخية
3 – الحوار الذي نشأ في القرن التاسع عشر حول العلاقة بين علوم الإنسان وعلوم الطبيعة وبين الفهم والتفسير
تعاريف الهرمنيوطيقا:
1- أكد “جون مارتين كلادنيوس” (1710-1759)، أن العلوم الإنسانية ترتكز إلى فنّ التفسير، وقرر أن الهرمنوطيقا هو الاسم الآخر لهذا الفن.
2- يعرف “فريدريك أغوست وولف” في محاضرات عام 1785-1807 حول “موسوعة البحوث الكلاسيكية”، الهرمنوطيقا بأنها “المعرفة بقواعد تعين على إدراك معاني العلامات”.
3- ينظر “فريدريك أرنست دانيل شلايرماخر” (1768-1834) إلى الهرمنوطيقا بوصفها “فن الفهم و الاستيعاب”. وقد ركز على قضية سوء الفهم، وأكد أن تفسير النصوص عرضة لسوء الفهم دائماً. لذلك يجب استخدام الهرمنوطيقا كمجموعة قواعد ممنهجة للاحتراز من الوقوع في هذا الخطإ. ومن دون هذا الفن لا سبيل إلى حصول الفهم (12
4- ذهب “وليام دلتاي” (1833-1911) إلى أن الهرمنوطيقا علم يتولى تقديم مناهج للعلوم الإنسانية. فالغاية القصوى للجهد الهرمنوطيقي عنده هو الرفع من قيمة ومكانة العلوم الإنسانية, ومساواتها بالعلوم التجريبية. إنما يخاله من سنخ “الميتدولوجيا” وعلم المعرفة، ويريده لخدمة العلوم الإنسانية بشكل عام.
5- يعرف باحث ألماني معاصر اسمه “بابنر” (Bubner) في مقال الهرمنوطيقا المتعالية الذي دُوّن سنة 1975 الهرمنوطيقا بأنها “مشروع فهم”.
6 – ويتناسق هذا التعريف تماماً مع الهرمنوطيقا الفلسفية لدى مارتين “هايدغر” و”هانس غادامر”، إذ إن المقصد من الهرمنوطيقا الفلسفية هو وصف ماهية الفهم. الهرمنوطيقا الفلسفية, خلافاً للهرمنوطيقات السابقة، لا تنحصر بفكرة فهم النص، ولا تقيّد نفسها في نطاق فهم العلوم الإنسانية، إنما ترمي إلى مطلق الفهم، وتروم تحليل عملية الفهم كحادثة، والإفصاح عن شروط حصولها.
7 ـ “بول ريكور” ,على سبيل المثال, يعرف الهرمنوطيقا في مطلع دراسته “رسالة الهرمنوطيقا”، بأنها “نظرية الفهم باعتبارها ممارسة، في مجريات علاقاتها بتفسير النصوص”
8 – يعرف “ريتشارد بالمر” الهرمنوطيقا فيقول: “هي الموافية اليوم بتراث التأمل الفلسفي الألماني، والفرنسي أخيراً، حول ماهية الفهم (Understanding) التي تطورت على يد “شلايرماخر” و”دلتاي” و”هيدغر”، ويتبناها في الوقت الحاضر “غادامر” و”شلايرماخر”(16)
وقد مرت الهرمنيوطيقا بعدة مراحل:
الهرمنيوطيقا الكلاسيكية والتي بدأت في عصر النهضة حيث جرت حركة الإصلاح الديني وانتشار الفكر البروتستانتي وقد أدت إلى ضعف العلاقة بكنيسة روما وبذلك شعروا بحاجة ملحة لمنهج يتضمن قواعد معينة لتفسير الكتاب المقدس وأول كتاب ألف في هذا المجال اسمه (الهرمنيوطيقا) ومؤلفه (دان هاور) طبع عام 1654م ذكر فيه مناهج وقواعد لتفسير الكتاب المقدس [7].
الهرمنيوطيقا الرومانسية التي بدأت من شلاير ماخر(1768ـ 1834) الذي يعد مؤسس الهرمنيوطيقا الحديثة وقد قال عنه دلتاي بـ”كانط الهرمنيوطيقا”
الهرمنيوطيقا الحديثة مع مجموعة من الدارسين أمثال هيدغر وغادامير التي امتزج فيها الفني الأدبي بالفلسفي، كما عرف مجموعة من التقاطعات مع مجموعة من المجالات الأخرى خاصة الفنيوميولوجيا ونظرية التلقي.
إن الهرمنوطيقا ليس من شأنها تقديم منهج، إنما رسالتها التأمل الفلسفي في أسس أنطولوجيا الفهم, واكتشاف شروط حصول الفهم وظروفه. فهي ترتقي بالهرمنوطيقا من مستوى المنهجية والأبستيمولوجيا, إلى درجة الفلسفة والأنطولوجيا (Ontology). [8].
وعمل أصحاب هذا الاتجاه الحديث على رفض مجالات فكرية أخرى أمثال الاتجاه الوضعي والاتجاه البنيوي خاصة مناهجه اللغوية مما يجعل الحديث عن الاتجاه دون استحضار لهذه الاتجاهات ناقصا.
شلايرماخر ونشأة الهرمينوطيقا الحديثة:
مع شلايرماخر سيطمح فن التأويل أن يكون عالميا بحكم أنه عمل على تجاوز المنهج التقليدي للتحليل الكلاسيكي، الذي بدأ على يد كل من أفلاطون وأرسطو – وحتى العصر الحديث فيما عرف بالكلاسيكية – “وتقوم تأويلية شليرماخر على أساس أن النص عبارة عن وسيط لغوى، ينقل فكر المؤلف إلى القارئ ، وبالتالي فهو يشير – في جانبه اللغوي – إلى اللغة بكاملها ويشير – في جانبه النفسي – إلى الفكر الذاتي لمبدعه. والعلاقة بين الجانبين – فيما يرى شليرماخر – علاقة جدلية”. وبعد تأكيده على هذه العلاقة وحاجتها إلى التأويلية. “ينطلق شليرماخر لوضع قواعد الفهم من تصوره لجانبى النص، اللغوى والنفسي. يحتاج المفسر للنفاذ إلى معنى النص إلى موهبتين، الموهبة اللغوية، والقدرة على النفاذ إلى الطبيعة البشرية ( الموهبة اللغوية وحدها لا تكفى لأن الإنسان لا يمكن أن يعرف الإطار اللا محدود للغة ، كما أن الموهبة فى النفاذ إلى الطبيعة البشرية لا تكفى لأنها مستحيلة الكمال، لذلك لابد من الاعتماد على الجانبين”. ومن هنا عرفت هذه المرحلة بالهرمينوطيقا الرومانسية.
شلايرماخر هو عتبة الانتقال من التأويل اللاهوتي إلى التأويل الفلسفي الإنساني.
1 ـ منهج قواعد اللغة (interprétation grammaticale) الذي يعالج النص انطلاقا من لغته الخاصة (لغة إقليمية، تركيب نحوي، شكل أدبي..) وتحديد دلالة الكلمات انطلاقا من الجمل التي تركبها ودلالة هذه الجمل على ضوء الأثر برمته: “التأويل اللغوي هو إذن فن إيجاد المعنى الدقيق لخطاب معين انطلاقا وبمساعدة اللغة”.
2 ـ منهج التأويل النفسي (interprétation psychologique) والذي يعتمد على ببيوغرافيا المؤلف، حياته الفكرية والعامة والدوافع والحوافز الذي دفعته للتعبير والكتابة. فهو يضع الأثر (= النص) في سياق حياة المؤلف وفي السياق التاريخي الذي ينتمي إليه [9].
وبهذه الصورة يكون للنص جانبان: جانب موضوعي يشير إلى اللغة وجانب ذاتي يشير إلى فكر المؤلف، وعلى القارئ أن يبدأ بأي جانب شاء، مادام كل واحد منهما يؤدي إلى فهم الآخر، وإن كان شلايرماخر يغلب الجانب اللغوي.
هذا التصور يقود إلى ما يعرف بـ”الدائرة التأويلية” ومعناها أن عملية الفهم ـ وهي عملية غير سهلة ـ تؤسس على فهم الكل في علاقته بالجزء وفق عملية يجوز أن يعدل معها المعنى.
الهرمنيوطيقا الفلسفية:
أ – هيدغر وسؤال الكينونة
أقام هيدغر 1889 – 1976 الهرمنيوطيقا على أساس فلسفي حين أعاد إلى النقاش مسألة الكينونة أو الوجود إلى الواجهة:
لقد رفض هيدجر في نظرية الوجود في الفلسفة الغربية اعتبارها الإنسان هو محور الوجود، وهو العنصر الفاعل في المعرفة، وإعطائها للوجود دورا ثانويا يخضع فيه للذاتية ويستجيب لمقولاتها [10] لأنها جعلت الوجود مسألة موضوعية منفصلة عن الذات في حين أن الكينونة عند هيدجر تحدث في وعى الإنسان لوجوده
فالتصور التقليدي للكون صور العالم بمثابة مجموعة من الكينونات المستقلة عن بعضها البعض والقابلة لان تكون موضوع معرفة الذات المدركة ما أمكن لها سبيل التقائها.
ولئن أصر هيدجر على أن كيان الكائن أنما هو كيان في العالم لا انفصال فيه ما بين ذات مدركة وعالم موضوعي فقد ذهب إلى أن العالم ليس معطى موضوعيا سابقا وإنما هو قائم بما يتوافق مع شروط العقل
رأى هيدجر أن ثمة تداخلا ما بين الذات المفكرة والواقع متحاشيا بذلك تبوء موقع الفيلسوف المطلع على الأمور من موقع نظري منفصل.
وعن هذا التصور ينشأ الفهم:
فالعالم هو النطاق المعين الذي نلتقي بين تخومه بأنفسنا وبالكائنات الأخرى، وانه لمن خلال هذا اللقاء يتحدد جوهر فهمنا لأنفسنا وللأشياء الأخرى [11].
لقد استعمل هيدغر ثلاثة أنواع من المصطلحات لتوضيح:
المصطلح الأول فهو الوجود المتعين(الوجود هنا أوهناك) وهو مصطلح يستخدم عادة للدلالة على أنواع مختلفة من الوجود ولكن هيدغر يقصر استخدامه على الوجود المتمثل في حالة الإنسان. دازين (وجود الإنسان في الكون)
الثاني : الحضور المباشر أو الحضور في متناول اليد يعني أنه شيء يمكن أن يلتقي به المرء في العالم مصادفة.
الثالث هو الوجود البشري وهو تحديد الكينونة ويخصص للوجود المتعين وحده ويضيف هيدغر فيقول (أن ماهية المتعين تكمن في وجوده) أي أنه يعني ماهية الوجود المتعين لا تتألف من خصائصه بل من الطرق الممكنة لوجوده.
وان تكون كيان دازين. عند هايدجر. هو أن تكون في العالم. إذ ليس هناك كينونات منفصلة او متعالية على العالم
وطالما ان دازاين ليس بذات مستقلة عن غيرها، لهذا فإن حال الاكتراث (الاهتمام) غالبا ما يكون حالا مشتركة مع الآخرين. .
ويكشف هيدغر عن سر اهتمامنا بالزمن فكما أن النزوع إلى الموت هو نزوع إلى الاكتمال، فإن التوجه نحو الولادة لهو نزوع، إلى البدء، إلى الإرث الذي يؤول إلينا من أسلافنا. ونحن إذ نتجه إلى الماضي إنما نفعل ذلك بغية استقاء كل ما يفيدنا، وما يكشف أمامنا احتمالات كوننا، في سياق المضي نحو المستقبل.
ومن هنا وجد هيدجر منهجا يمكن أن يفسر عملية الوجود في الوجود الإنساني بطريقة تكشف عن الوجود نفسه، وطرح مشروعه لفهم الوجود ككل من خلال فهم الإنسان ووعيه لوجود نفسه، فيمكن تفسير عملية الوجود في الوجود الإنساني [12]
ب – جادامير وسؤال المنهج
المنهج هو قواعد وأدوات استراتيجية تفرضها الذات على الموضوع [13]من هذا التعريف للمنهج الذي سيرفضه جادامير، ستبدأ عملية الفهم مستندا إلى آراء هيدغر في علاقة الذات بالموضوع.
إن تطبيق القواعد المنهجية على الموضوع يجعل الذات تفهم الموضوع وفق تصوراتها المنهجية وليس وفق الحقيقة المبنية على التحام الذات بالموضوع في خبرة حميمية كما يقول غادامير.
الفهم:
من المناسب وأنا أتحدث عن الفهم أن أحدد معناه الأجنبي
Comprendre, Verstehen
لقد أصبح مصطلح Verstehen ، ويعني الفهم، مصطلحا ألمانيا مألوفا في اللغات الأجنبية لأنه يحيل على خصوصية فن التأويل في الهرمينوطيقا. وقد قام ياوس بتقديم الأصول الاشتقاقية للمصطلحين الألماني والفرنسي. يسمح اشتقاق فعل Verstehen في اللغة اللاتينية واللغة الألمانية بالتعرف على وظيفتين أساسيتين: يتعرف المصدر اللاتيني intelligere (inter-legere) على معنى الفهم بطريقة تحليلية، لأن الاشتقاق يفيد القراءة بين السطور وتمييز الخصائص. مقابل الأصل اللاتيني، يحيل Grimm على المفردة الألمانية القديمة instân : أن تنتصب واقفا داخل شيء وأن تركز رجلك وأن تكون في بيتك؛ وهو يدرك الدلالة بطريقة تركيبية. وقد افترض ياوس أن حدثا لغويا تاريخيا جعل الدلالة تنتقل من المستوى الحسي للقيام (stân) إلى الدلالة العقلية للفهم، وهي تعني الإحاطة بالشيء والسيطرة عليه، وهو المعنى الذي يتفق مع العبارة اللاتينية comprehendere أومع اللفظ الفرنسي comprendre
[14].
ثم إن الفهم إما أن يكون خطأ وإما أن يكون صحيحا مما جعلهم يميزون بين النوعين برفض معيار العقل لما يدل عليه قواعد مشتركة:” التساؤل عن الفهم السليم وغير السليم يقرب الفهم من مقولة العقل في فلسفة الأنوار، ويوحي بوجود مبادئ قبلية معيارية ومجردة عن الذوات الفردية. لكن وجود مثل هذه الضوابط الموضوعية يتعارض مع أبسط ملامح الفهم، وهو أنه عملية ذاتية تختلف قوة وضعفا من فرد إلى فرد، بينما نفترض أن المبادئ العقلية أعدل الأشياء قسمة بين الناس” [15].
فالفهم مسألة ذاتية ولا علاقة له بالضوابط العقلية أو المنطقية فلا بد إذن من ضوابط مناسبة للذاتية وهنا ستبدأ رحلتهم مع تحديد عناصر الفهم.
فهناك من يدعي أنه يفهم ظاهرة ما عندما يجد لها تفسيرا معقولا، أي تفسيرا يقبله العقل السليم أو تعليلا يتفق مع الظواهر الطبيعية المألوفة أو مع قوانين الطبيعة المعروفة أو مع الأمور التي تجري مجرى العادة [16]، مما يطرح إشكالا يربط بالظواهر التي لا تخضع لمنطق العقل.
لقد أسس شلايرماخر وتبعه في ذلك دلتاي الفهم على أساس سيكولوجي نفسي حينما ربطا الفهم بعملية المشاركة الوجدانية للمؤلف بحيث يكون القارئ ناجحا في فهمه للاوعي المؤلف أو إذا وصل إلى الخبرة الباطنية والهدف من هذه العملية هو تحقيق ” التجانس congeniality ” أي أن يخبر الناقد أو قارئه الحدث النفسي psychical للمعنى الذي خضع له المؤلف أولا
هذه النظرة إلى الفهم ظلت في عمقها نظرة رومانسية ولذلك سميت المرحلة الرومانسية.
وبتطور الهرمنيوطيقا إلى الاتجاه الفلسفي تطور معها معنى الفهم فأصبح له بعد وجودي، فقد انتقل من البحث عن (منهج للفهم) إلى البحث عن معنى الفهم وحقيقته نفسه ، فمنح للمصطلح بعداً فلسفياً ، فهو يبحث عن حقيقة الفهم، لا عن منهج للفهم ، أو المعيار لتقويم الفهم الصحيح عن غيره .
وفي رأي هيدجر إن الفلسفة انحرفت بعد افلاطون عن مسارها الطبيعي الصحيح، حيث أهملت البحث عن معنى الوجود وحقيقته ، فبدلاً عن البحث عن فهم الوجود، أخذت تبحث عن فهم الموجودات[17]. وهنا سيطرح هيدغر ما سبقت الإشارة إليه معنى الدازين ويقصد بها فهم الذات الإنسانية في حال وجودها الآني.
الهرمينوطيقا والمنهج:
إن أهم ما قدمته الفينومينولوجيا هوسرل هو أنها فتحت الذات على الوجود الأصيل للظواهر، وأصبحت الذات تؤطر الظاهرة من الداخل بتمثلها وتأويلهما من خلال ما تقدمه الظاهرة من علامات وإشارات عن نفسها، وحاولت الفينومينولوجيا أن تقدم نفسها منهجا للعلوم الإنسانية، لكن الهرمنيوطيقا رأت في المنهج خللا لا يسمح بمعرفة الحقيقة، لأنه يتحول إلى غاية معرفية في حد ذاته، كما هو الحال بالنسبة للبنيوية، مما جعل غادامير يهاجم المنهج، ويعتبر العلوم الإنسانية ممارسة نقدية وشعورا داخليا منعزلا عن القواعد الصارمة والمناهج العقيمة، ولذلك فأزمة العلوم الإنسانية أزمة منهج؛ ويقصد بذلك: تلك العملية التي يتم من خلالها “تأطير النص”، وتأطير النص يعنى عملية إخضاع النص لمبادئ وقواعد عامة نظرية، يراد من خلالها الاستحواذ على البنيات العامة للنصوص الأدبية، وتسكين النص الأدبي المراد فحصه داخلها. وبذلك يتم إخضاع النص لقواعد تحكم لعبة الشكل والتشكيل أو البنية اللغوية [18].
لقد دافع جادامير عن اختلاف العلوم الإنسانية عن والعلوم الطبيعية، وأن المنهج في العلوم الإنسانية يختلف عن المنهج في العلوم الطبيعية، قائلا: “فعلى الرغم من أن فكرة المنهج التي تنامت مع العلم الحديث وتبنتها العلوم الإنسانية كانت محاولة لتجاوز اغتراب الإنسان إزاء العالم، فإنها قد ردت على هذا الاغتراب باغتراب مماثل. فالمنهج هو قواعد وأدوات إستراتيجية تفرضها الذات على الموضوع، وبذلك فإن الذات لا تفهم الموضوع كما هو معطى لها في خبرة مباشرة، وإنما تفسر الموضوع وفقا لتصوراتها.
لقد استند غادامير إلى الآراء التي حاولت ربط العلاقة بين علوم الفكر وعلوم الطبيعة خاصة آراء الفيزيائي هارمان فون هيلمهولتز فانتهى إلى أن منهج العلوم الإنسانية يقوم على الاستقراء الفني في مقابل الاستقراء المنطقي في العلوم الطبيعية، مقومات هذا الاستقراء تلخص في “أن العلوم الإنسانية ترتبط بالرقة والدقة subtilitas وفن الممارسة الذاتية أكثر منه بمناهج مطبقة وقواعد صارمة” [19]
وكتاب جادامير(الحقيقة والمنهج) يشير إلي أن العمل المنهجي لم يكن كافياً لإبراز الحقيقة: هذه الحقيقة التي يصورها جادامير معتمداً في ذلك علي الخلاصات النهائية لفلسفة هيدجر في اقترابها من الفن والذات في ربط الحقيقة بالجوهر المرتبط بالروح التي تظهر علي الأشياء في لحظة تاريخية معينة. ذلك أن العمل المنهجي، كما يري جادامير، يؤدي إلي التضييق المبدئي للرؤية) [20].
ويمكن تلخيص هذا الإشكال المنهجي في التصور الذي تبني عليه نظرية المعرفة منهجها في البحث وهو تصور يفصل بين الذات والموضوع فـ الاقتراب المنهجي الذي تفترضه نظرية المعرفة يقوم على اعتبار الأشياء معطاة بشكل نهائي، وكذا على أن الذّات الثابتة هي مصدر الوعي المباشر بهذه الأشياء، وعليه يكون الإشكال محل الدراسة بالنسبة لنظرية المعرفة هو تطوير الفهم المرتبط بعلاقة هذه الذّات بموضوع، ومعرفة هذا الاستقرار في وضع الذّات في علاقتها بالموضوع، لم يعد ممكنا لأنها أي الذات” معطاة لا في بديهة نفسية ولا في حدس ذهني ولا في رؤية صوفية”. ومن هنا فإن المشكل بالنسبة للهرمنيوطيقا ليس في توافق العقل مع قوانين الأشياء، ولا في البحث عن البنية المنطقية التي تحكم هذه الأشياء، وإنما في هيئة الوجود وظهوره الوجودي [21]
إن غياب معنى الوجود في نظرية المعرفة طرح مشكلا معرفيا يرتبط بالمنهج أساسا، وهذا مشكل هرمنيوطبقي، لأن المنهج العلمي لم يصل إلى شمولية تامة في المعرفة، بفعل حدوده الناشئة من حدود المنهج نفسه، أي من القواعد والأنظمة والمقولات التي تفرغ الذّات من محتواها، لتجعلها ذاتا عارفة دون أن تكون فاهمة، أي مفكرة في هذا الذي تعرفه، مؤوّلة لما لم يظهر لها أثناء المعرفة، دون أن تكون منتجة لتمثلاّتها الداخلية عن الأشياء [22] .إن الاختلاف المنهجي يكمن أساسا في الفرق بين المعرفة والفهم بين الوصف والتمثل، بين الحلول والانفصال.
أسس البحث الهرمنيوطيقي:
هذا التصور الذي لخصته سابقا في البحث في الإنية أو الكينونة أو الدازاين عند هيدغر سيؤسس لمنحى البحث الهرمنيوطيقي؛ فليس من وظيفة الهرمنيوطيقا أن تصف أو تصنف من أجل الاستنباط، بل أن تفسر وتؤول من أجل الفهم، وتأسيس عملية الفهم. يقوم على طابع وجودي يكشف عن الوجود نفسه للذات المؤولة باتصال الوعي ببنية الظواهر.
ولذلك ستختلف الأسئلة وطرق البحث، فسؤال الفهم يختلف عن سؤال المعرفة، ووجود الفهم سيختلف عن فهم الوجود أو كينونة الفهم:يقول محمد شوقي الزين “فإذا حاولت الفينومينولوجيا معالجة مشكل “فهم الوجود:، فإن فن التأويل انصب اهتمامه على إشكالية “وجود الفهم” أو بالأحرى “كينونة الفهم…يراعي انفتاح الكائن على ذاته وعلى الوجود. ولذلك يرى جادامير أن الذات وحدها هي مصدر المعارف: “فلا إقصاء الذات الكائنة وراء النص ولا الحلول محلها لرصد مقاصدها وأهدافها هو الذي يفيد قضايا فن التأويل” [23].
فالفهم لن يتحقق من خلال نزعة منهجية تحاول فيها الذات الاستحواذ على الموضوع وإخضاعه لقواعد منهجية،. فلا غرو أن إشكالية الفهم بحصر المعنى، ومحاولة ضبطه بآلية اللغة هي المجال الذي يتم فيه التفاهم بين الشركاء والاتفاق على الشيء ذاته.
بل عبر حوار تنفتح فيه الذات على الموضوع أو الأنا على الآخر بهدف الوصول إلى اتفاق مشترك نشعر معه بالألفة
ومن هنا سينصب الحديث على فهم الذات وإدراك الآخر وهذا الفهم والإدراك يؤسس على جملة رؤى:
التجربة التاريخية – الزمن – الأحكام المسبقة – التراث – الحوار- انصهار الآفاق – اللغة
في التأويل يكون المقياس هو “الشيء نفسه”.(La chose meme) وليس الإقرار بحقيقة “الشيء في نفسه” (La chose en soi). بحيث يدرك “شخصيا” (en personne) إن صح التعبير.
يقول غادامير: “ينبغي لفن التأويل أن ينطلق من مسألة أن الفهم هو الوجود في علاقة مع الشيء نفسه الذي يظهر عبر ومع التراث أين يمكن “للشيء” الاتصال بي” الهرمينوطيقا” تكشف وتعرّي وتضيء عالَم حياتنا المعطى وتكشف ما كان فيه متخفيا، نعني معناه المتحجّب وبنيته المخصوصة ومأساته الداخلية“.
باعتبار الذات حال اتصالها بالموضوع وإدراكها له عن طريق الوعي مصدرا للمعرفة تحدد الهرمنيوطيقا أسلوبها في الفهم، ووعي الوجود بدل وعي الموجودات الذي شغل الفكر اليوناني.
استفاد جادامير من وجودية هيدغر وحول البحث الهرمنيوطيقي إلى بحث في الفهم وأنواع الفهم والذات الفاهمة وشروط الفهم.
كان جادامير يقول بوجود أحكام مسبقة وتحيزات وراء رؤيتنا للأمور، والاندماج بين الأفاق المختلفة للمؤلف والمتلقي، أو انصهار الأحكام المحيطة بموضوع معين، في وحدة مفترضة سلفا بين (اللغة) و(التفكير) وفق (الحوار) والقائم على طرح الأسئلة والإجابة عنها، التي يقوم بها متلق بطريقة قصدية. أساس كل فهم وتأويل.
قبل الحديث عن الفهم عند غيورغ غادامير أعرج على أحد فلاسفة التأويل الإيطاليين وهو إميليو بيتي الذي يركز على صرامة المنهج في سبيل تأويل موضوعي من خلال اقتراح أربع قواعد في الممارسة التأويلية:
– استقلالية الموضوع المعنى يدرك من النص دون إملاء خارجي
– الانسجام تأويل كلية الموضوع وذلك بإدراك أجزائه التي تضمن وحدة وانسجام الموضوع.
– راهنية التأويل: إعادة بناء موضوعات التراث في اللحظة الراهنة كتجربة تأويلية خلاقة يعبر من خلالها المؤول عن نوعية إدراكه للموضوع التاريخي والتراثي.
– وحدة الفهم: ربط الراهنية بالتراث [24].
أما غادامير فإنه أسس بنية للفهم باعتماد المنحى الأنطولوجي الذي رسمه هايدغر بحيث أصاف إلى أنطولوجية هايدغر القائمة على الوجود في العالم “الدازاين” ” الميتازاين” “كائن مع الآخر” وهو أن كينونة الذات تكمن في انفتاحها على الآخر لأنهما يتقاسمان الانشغالات والهموم، لأن الفهم عند غادامير تفاهم يعيد النظر في منطق التجارب والممارسات قصد تقويمها وتمحيصها، والتفاهم entente يعكس جملة الانتظارات attentes التي تميز مختلف الأفراد، في الانفتاح يتجاوز الدازاين عالمه وحدوده ليرتبط بالمتازاين ويتآلف مع الآخر.
يميز غادامير بين نوعين من الفهم:
– الفهم الجوهري وهو فهم محتوى الحقيقة
– الفهم القصدي وهو فهم مقاصد وأهداف المؤلف.
فالفهم هو إدراك المعطيات النفسية والفردية والتاريخية التي ينطوي عليها التصريح بقضية معينة مقابل فهم ماهية هذا التصريح أو السلوك أو الفعل في حد ذاته.
. فالفهم ليس نتيجة تطبيق قواعد، بل يرتبط بالقدرة على الاستيعاب واستثمار المخزون المعرفي والثقافي في تقويم المعنى المطلوب. يمر الفهم عبر قنطرة الذات من أجل إعادة تشكيل معالم الدلالة وفق الأفق الذي يرنو إليه المتلقي [25]
إن الفصل بين فهم المقاصد وفهم الحقيقية عند جادامير هو فصل بين التفسير والفهم وهو كذلك ما جاءت الهرمونوطيقا لتبيانه وتوضيحه فالغاية ليست هي التفسير وإنما هي الفهم. وهو الفاصل بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية
يتجاوز غادامير بذلك الفهم القصدي ليهتم بما سماه بالفهم الجوهري لأن علاقة القارئ بالأثر الفني أو الأدبي أو الفلسفي هي علاقته بالحقيقة كانفتاح وانكشاف بالمفهوم الذي يمنحه هيدغر لكلمة aletheia الإغريقية (تعني الحقيقة كانفتاح وكشف): “فهم الأثر الفني هو فهم حقيقته”. لكن هذه الحقيقة لا تنفك عن نمط التجارب المعيشة والممارسة.
فالحقيقة لا تنفصل عن منطق التجارب والمقاصد والتصورات.
الحقيقة انخراط في التجربة مما جعل الفهم سماعا شاعريا لما يقوله الأثر أو النص في سياق لحظتنا الراهنة. فعلاقتنا به هي علاقتنا بذواتنا. فهو لنا كالمرآة نرى عبره واقعنا وراهنيتنا [26].
إن عملية الفهم عملية مشاركة وجودية تقوم على الجدل بين المتلقي والعمل.
هنا سيبدأ غادامير في تحليل بنية الفهم التي لا تقوم خارج الذات يقوم بها الوعي يتعلق الأمر بـ:
بأن الذي يريد أن يفهم يشكل نوعا من التصور، ينجزه قبل أن يسقطه على الأشياء، فهو يتصور باستحضار مسبق لمعنى شامل بمجرد ما يظهر المعنى الأصلي (الأول) للنص. هذا الحكم المسبق يخضع لمعنى المراجعة المستمرة كلما تقدما في اختراق المعنى، وأثناء المراجعة يمكن استحضار معنى جديد وتعويض تصور مسبق بتصور مناسب ومتلائم [27]. هذه العملية تسمى بنشاط التأويل وهو نشاط مبني بالأساس على ما يعرف بالحلقة التأويلية وهي المعروف في الهرمونوطيقا بمعرفة الجزء في إطار الكل والكل في إطار الجزء حيث يتم عرض الأحكام المسبقة على النص.
و”التاريخ” كبعد أساسي من أبعاد “الوعي التاريخي”، و”الجمال” كلحظة تأويلية وتجربة أنطولوجية تتجلى فيها فاعلية “الفهم” وفهم “القصد المباشر” للمؤلف في علاقة حوارية خلاقة [28].
إن الوجود الإنساني تاريخي ومعاصر ، يعيش الحاضر ، وليس معزولاً عن تأثير التقاليد التي انتقلت إليه عبر التاريخ ، ولا يستطيع الإنسان أن يتجاوز اُفقه الراهن في فهم الظاهرة التاريخية، ولا يستطيع أن يتحول للماضي ويشاركه ليفهمه فهما موضوعياً، لأن التقاليد التي انتقلت إلينا عبر الزمن هي المحيط الذي نعيش فيه، وهي التي تشكل وعينا الراهن، إن الإنسان يعيش في إطار التاريخ، وهي المحيط غير الظاهر الذي يعيش فيه [29].
يعتبر جادامير أن القراءة هي محاولة للانصهار بين الماضي والحاضر. فالقراءة في الحاضر لا يجوز أن تمنعنا من تمثل التصور المسبق لثقافتنا، بل علينا أن نجرب ضمن هذا التقيد التاريخي محاولة فهم ما الذي يمكنه أن يجلب يقدم جديداً لنص ما قديم. إن «أفق التوقعات» هو ما يمكن فيه لتفكيرنا أن ينصهر، بطريقة أو بأخرى، مع آفاق ماضي القراءة والكتابة.
جادامير من الهرمنيوطيقيين المتأخرين الذين يرجع إليهم إثارة الفهم لكنه يعتبر الفهم تفسيراً تأويلياً (interpretative) دائماً ويعد جادامير واحدا من الذين اهتموا بـ”فن الفهم” في الهرمنيوطيقا، هذا الاهتمام وإن لم يكن جديدا لأنه يعود في أصوله إلى فلسفة هيدغر القائمة على الكينونة في الوجود أساس، فإن غادامير باهتمامه بالوضع التاريخي والأحكام المسبقة والحوار مع الذات جعل الهرمنيوطيقا تمتد لفهم وتفسر كل ما يقبل الفهم والتعقل.
يقول شوقي الزين “ولا ينفك أي مؤول عن أحكام مسبقة (préjugés) ينسجها حول تصوره الخاص عن الموضوع، لكن هذه الأحكام هي في نظر غادامير أحكام إيجابية تدعم وتنشط فاعلية الفهم والحوار. تختفي هذه الأحكام أو بالأحرى تنتهي وظيفتها في أول لقاء بين المؤول -كقارئ- وبين موضوعه. هنا تطرح إمكانية جديدة للتساؤل ولرصد حقائق النص أو الموضوع المقروء. لكن الأحكام والاقتناعات التي تظهر من لقاء المؤول مع الموضوع لا تقصي سابقاتها وإن حاولت عزلها أو الحلول محلها. [30]. ثم إن هذا العرض لهذه الأحكام لابد أن يتم داخل تجارب الماضي وربطه بالحاضر، وهنا تنضاف التجربة التاريخية بكل أبعادها الفنية لإخضاع الأحكام المسبقة للضبط وإخضاع النص كذلك للتراث.
وأهم وظيفة للتجربة التاريخية هي استحضار التجربة الإنسانية في العالم وأدائها لوظيفتها كشيء جديد ومتجدد. الوطيفة التاريخية بما تحمله من دلالات وليس بما تحمله من أحداث. للوعي التاريخي مهمة فهم شهود الزمن الماضي كلها انطلاقاً من الاستغراق في حياتنا الحالية، ومعرفة الماضي بوصفه ظاهرة إنسانية ، من دون أي غرور . بالإضافة إلى هذه الأحكام المسبقة والتجربة التاريخية والتقاء النص بالتراث وأفق الحاضر التي تشكل أسس العملية التاويلية، يطرح غادامير مسألة الحوار (dialogue) كبعد أساسي في فاعلية الفهم وواقعية التفاهم، على اعتبار أن التساؤلات التي طرحها بشأن مشكل الذاتية في الفهم والاعتباطية في التأويل وسلطة التراث في فهم النصوص ظلت عالقة لأسباب منهجية ومعرفية. فالحوار الذي يثيره ويثريه المشاركون لمعالجة موضوع حديثهم يفترض نسبية الآراء والافتراضات التي تطرح بشأنه؛ وأن المعرفة هي حصص موزعة (مهما اختلفت نسبها وتفاوتت مقاديرها) تنفي إطلاقية الاستنتاجات والأحكام التي يخلص إليها المشاركون: “كل حوار حقيقي يستلزم أننا نميل بالإنصات إلى الآخر ونمنح رأيه اهتماما خاصا ونلج إلى فكره لنفهم لا الفرد في عينه وإنما ما يقوله ويعبر عنه”[31]
وبذلك يكون الحوار الغاداميري حوارا سقراطيا يقصي التعسفية في الأحكام والاستبداد بالآراء ليرتد إلى فن إتيكي هدفه إعادة تقييم الأفكار والاعتقادات في ضوء التحام الآراء والافتراضات على سبيل الفحص والمجاوزة: الفهم هو قبل كل شيء تفاهم (Überseinstimmung). وعليه يصبح الإجماع أو الاتفاق (Verstädigung) بين الأشخاص ضربا من ضروب الفهم التأويلي كتجربة وتمرن (Lehre) وكحلقة تضاف إلى حلقات التراث.
إذا كان هيدغر قد ركز في فلسفته الأنطولوجية على تجربة الذات في الوجود أو الوجود-في-العالم (Dasein) المتجذر في الزمان كإمكانيات وكمونات محتفظة ومحددة تؤطر “فهم الذات”، فإن غادامير يوسع حلقة الفهم لتصبح “وجودا-مع-الآخر” (Mitsein) عبر تجربة التواصل الذاتي (Intersubjectivité). فهناك إنهمام بالذات واهتمام بالآخر، لأن الفهم كتفاهم يؤدي وظيفة المشاركة (Teilnahme) في بلورة المعنى وإضفاء الدلالة مثلما أنه تطبيق (Eifer) آليات ووسائل لاستخراج المعنى تلتف حوله آفاق الذات وهكذا تنصهر آفاق (fusion d’horizons) المعنى الذي نستخلصه من فهمنا للنص وعلاقة هذا المعنى بوضعيتنا الراهنة:- جدلية العلاقة التي تتأسس بين المعنى المنتج والسياق المستهلك – لنخلص إلى الفهم.
هذا الفهم الذي عرضت لبعض أسسه خاضع للتطبيق والممارسة، لأن غادامير وغبره من الهرمونوطقيين يعتبرون التأويل ممارسة ونقد ووعي تاريخي.
والتطبيق هنا يعني تطبيق مسائل التراث على اللحظة الراهنة وفق عقل نقدي ووعي تاريخي وهذه العملية تتم أثناء ممارسة التأويل، فترجمة معنى التراث وتطبيقه على الوضعية الراهنة، وإيجاد أجوبة للمسائل وحلول للمشاكل هو المقصود من الفهم.
فالفهم هو فن ترجمة وتوظيف حقائق التراث بممارسة النشاط الفعلي للتاريخ.
وهنا سيكون دور النشاط التاريخي هو صنع كائنات تاريخية، بقدر ما نصنع التاريخ بإرادة الفهم [32].
الهرمونوطيقا واللغة
جسدت اللسانيات المرحلة الرابعة من تطور علم اللغة، بعد النحو والمنطق وفقه اللغة وفقه اللغة المقارن، ويعتبر العالم السويسري فردينان دي سوسير مؤسس هذا العلم الذي نشر تلامذته محاضراته بعد وفاته. ويعد فصل اللغة عن باقي مجالات المعرفة ودراستها دراسة مستقلة، أهم ما بشرت به اللسانيات بحيث أصبح دارس اللغة، يحلل اللغة تحليلا علميا مجردا يضع الفرضيات، ويبحث عن المبادئ والقواعد، دون اهتمام بالمؤثرات الخارجة عن اللغة، ونتيجة لهذا البحث أصبحت اللغة بنية مكونة من دال ومدلول العلاقة بينهما اعتباطية، يعد ضبط الدال فيها مدخلا لدراسة المداول.
وتطورت هذه الدراسة لتفرز في مجال البحث الأدبي والفلسفي ما عرف بالبنيوية التي لا تعترف إلا بالبحث المعتمد على البنية اللغوية، ولذالك يعد البحث البنيوي بحثا مغلقا على النص، لأن أي تحليل خارج عن بنية اللغة مرفوض، مما شجع على اعتبار الأدب علما لما يعتمد عليه من قواعد مضبوطة علميا كذالك.
هذه الاستقلالية الدلالية للنص تفتحه لمقاربات لا تأخذ في اعتبارها إلا موضوعيته. وتجعل كل عمل مفصول عن صاحبه ومعناه في متناول القارئ عبر بنية اللغة.
هذا التصور يفصل بين اللغة والمتكلم ويعد اللغة أداة يستعملها المتكلم كما يستعمل كل الأدوات في تعامله مع الوجود.
إن التصور الهرمنيوطيقي للغة يختلف بشكل جدري عن التصور البنيوي لأنه ينظر إلى اللغة نظرة وجودية ترى أن الرموز اللغوية تقوم فقط بدور الدوال، أما المدلولات فهي من إلصاق القارئ.
من هنا سيبدأ الحديث عن اللغة يختلف عن الاتجاه البنيوي لأن الاتجاه البنيوي يرى أن اللغة تشير إلى الأشياء بالرموز بينما يرى الهرمنيوطيقيون أن الأشياء تفصح عن نفسها من خلال اللغة رافضين الوظيفة الدلالية للغة.
لقد اعتبر هيدغر عمل البنيويين تأطيرا للغة ولذلك وجب التخلص منه وتحرير اللغة منه، وهو بهذا _ شأنه شأن باقي الهرمنيوطيقيين _ يدعو إلى تحرير اللغة أو تخليصها من المنطق ومن قواعد وصياغات التشكيل اللغوي.
يسمي هيدغر في “الوجود والزمان هذه العملية “بعملية تأطير اللغة أو التفكير الإحصائي التمثلي للغة وهو التصور الذي يدعونا هيدجر إلى التحرر منه حينما نفكر في اللغة أو نتعامل معها.
وهذه الدعوة إلى تحرير اللغة أو تخليصها من المنطق ومن قواعد وصياغات التشكيل اللغوي، الذي أدى إلى: اغتراب النص في الشكل المجرد، وضياع هوية وخصوصية النص، وفقدان بعده الأونطولجى، ودوره التاريخي.كانت مقدمة أعمال الهرمنوطقيين اللغوية
لابد من الإشارة إلى التصورات الغربية إجمالا للغة
1 – التصور السيميوطيقي البنيوي الذي ينظر إلى اللغة على أنها عالم من العلامات مغلق على ذاته أو نسق من العلاقات الباطنية لا خارج له.
2 – فبالنسبة للبنيويين تشير الكلمات المنطوقة او المكتوبة إلى بعضها بعضا فحسب، وهي تفعل ذلك من خلال تزاوج الصوت والمعنى الذي يتحدد بواسطة قواعد ومعجم لغة شعب ما.
3 – وفي مقابل ذلك فان الاصطلاحيين ينظرون إلى اللغة على أنها إشارات او رموز أو شفرات متجهة نحو الخارج.
فما هو التصور اللغوي عند الهرمنيوطيقيين:
“وعندما يردد هيدجر دائما أن اللغة “تنطق الوجود” فانه يعني بذلك أن اللغة “تسمى” الأشياء والموجودات الفردية وتمنحها ماهيتها أو أسلوبها في الوجود، وبذلك فان العالم يكشف عن ذاته أو يتكشف من خلال اللغة، وهناك فحسب حيث توجد لغة يوجد عالم، … فاللغة إذن ملك للإنسان وتنتمي إلى عالمه، وهي وسيلته في كشف الوجود المتحجب الذي يحيا فيه، وهي بذلك تكون هبة أو نعمة، بل هي على حد قول هيلدرلن Holderlin اخطر النعم (16). فاللغة ليست وسيلة أو أداة يستخدمها الإنسان على نحو ما يستخدم الأدوات، بل إن اللغة ليست هي ما ينطقه الإنسان: فليس الإنسان هو الذي ينطق أو يتحدث اللغة بل إن اللغة “تنطق وتتحدث ” من خلاله ولما كانت اللغة هي مجال الفهم والتفسير فان ذلك يعنى أن الإنسان يفهم ويفسر من خلال اللغة [33].
هذا التصور جعل هايدغر يرفض التصور التقليدي للغة السائد في علم اللسانيات Linguistics السيميوطيقا وتحليل اللغة، وهو التصور الذي يقوم على طرح اللغة على بساط البحث النظري المنهجي وتعرية البنية الأساسية أو العميقة لجملها، أو تأسيس نماذج لنسق من القواعد أو العلاقات التي تجعل التحدث باللغة أمرا ممكنا [34]. ويعتبر اللغة تصويرا للعالم وليست مجرد أداة يملكها ويستعملها كباقي الأدوات.
يقول جادامير: “فليست اللغة مجرد شيء من بين ممتلكات الإنسان وإنما يتأسس وجودها بحقيقة أن للإنسان عالم، فبالنسبة للإنسان فإن العالم يوجد على صورة معينة، لا يمكن لأحد غيره أن يتصورها أو يختبرها، ولكن هذا العالم هو عالم لغوي في طبيعته، وهذا في فحوى تأكيد همبولدت على أن اللغات هي “صور” العالم، ولا يعني هذا فقط أن العالم عالم بقدر ما يتم تصويره، أو تمثيله في لغة بل إن وجود اللغة الواقعي والحقيقي أيضا يتحقق فقط عندما يتم تصوير العالم فيها، ومن ثم فإن الطابع الإنساني الأصيل للغة يعني في الآن نفسه، الصفة اللغوية الأساسية لكون أن الإنسان موجود في العالم” [35] لا ننسى ونحن نتحدث عن التحليل اللغوي نظرية فتجنشتين في اللغة وهي أن اللغة والعالم يتطابقان وأن اللغة تصور الوقائع فلا بد أن تكون شبيهة من حيث البنية بما تصوره، ففهم اللغة هو طريق فهم العالم.
فليس غريبا أن يكتب هيدغر مقالة عن الطريق إلى اللغة ليتحدث عن: “عملية جلب اللغة إلى اللغة من حيث هي لغة” ويبين أنه لا يتحدث عن جلب اللغة إلى محل نظرنا ودراستنا أو تعرية بنياتها العميقة او بناء لغة شارحة جديدة (أي نظام لغوي شارح للغة) وإنما هو يتحدث عن المجال المحدد مسبقا الذي تحيى فيه اللغة التي نكون واقعين في شراكها بدلا من أن نوقعها في شراكنا إنه يدعو إلى فهم ما ينتمي إلي اللغة أي فهم ماهيتها [36].” فبالطريق الى اللغة ” فهم اللغة من خلال اللغة، أي من خلال فهم ما ينتمي إلي اللغة أي فهم ماهيتها يتحقق الفهم.
هذا يعيدنا إلى جادامير واستعمال اللغة:” إن اللغة عند جادامر ليست ألفاظا أو تعبيرات لفظية يمكن أن تحل إحداها محل الأخرى على أساس افتراض نوع من التكافؤ القائم بينها، بل هي كيان متفرد من التركيب اللغوي والأسلوب التعبيري أو القدرة على الخطاب والإيحاء”[37] فجادامير يرفض بهذا التصور الفهم الشارح القائم على استبدال كلمة بكلمة ويدعو إلى ضرورة التمييز بين نوعين من الكلام يمتد فيهما الكلام وراء ذاته :
أولهما هو ذلك الكلام الذي لا يقال ومع ذلك يكون حاضرا بواسطة الكلام، وثانيهما هو ذلك الكلام الذي يحجب بواسطة الكلام بناء على أغراض عملية.
ولعل قولته المشهورة”ما يقال ليس كل شيء. وحده ما لا يقال يجعل ما يقال كلمة قادرة على الوصول إلينا” تلخص نظرته إلى الكلام.
إن المرء عند غادامير يسيطر على لغته فقط عندما يحيى داخلها وعندما يتيح للغة أن تنطق موضوعها وتجعله حاضرا كما في فعل الكلام الحر الذي يتدفق إلى الأمام [38].
إن غادامير يدعو إلى ما يمكن اعتباره الإشارة الحرة وهو عدم التقيد بالمعاني المعجمية.
النتيجة التي دافع عنها غادامير هي: ١ ـ الفهم كله تأويل. ٢ ـ التأويل كله لسانيّ. الفهم كله لساني: وسوء التعبير ناتج عن سوء الفهم.
[1] ماهية الهرمنيوطيقا ص 3
[2] ماهية الهرمنيوطيقا ص 3و بشكل عام تقدم الرؤية الهرمسية تصورا بسيطا عبارة عن إله متعال منزه عن عن كل نقص و لا تدركه الأبصار و لا العقول . بمقابله توجد المادة و هي أصل الفوضى و الشر و النجاسة . أما الإنسان فهو مزبج جسم مادي غير طاهر ، يسكنه الشر و يلابسه الموت ، وجزء شريف أصله من العقل الكلي الهادي هو النفس الشريفة . تتصارع في الإنسان جزءاه الطاهر و النجس و تتصارع فيه الهواء بين رغبة بالتعالي و رغبة في الشر لذلك جاء الإله هرمس ليقوم بالوساطة بين الإنسان و الإله المتعالي بتوسط العقل الكلي الهادي ليعلم الناس طريق الخلاص و الاتحاد بالاله المتعالي (و هنا يحدث الفناء في مصطلح الصوفية) . لكن هذا الطريق صعب لا يتحمله إلا النبياء و الأتقياء و الحكماء . النفس كائنات إلهية عوقبت بعد ارتكابها إثم لتنزل و تسجن في الأبدان و لا سبيل لخلاصها إلا بالتطهر و التأمل للوصول إلى المعرفة ، هذه المعرفة لا تتم عن طريق البحث و الاستدلال بل عن طريق ترقي النفس في المراتب الكونية و العقول السماوية .الموسوعة الفلسفية
[3] – الهرمونوطيقا المصطلح والمفهوم د. منى طلبة ص 136 – 137 مجلة أوراق فلسفية العدد 10.
[4] – مدخل إلى أسس فن التأويل، التفكيك وفن التأويل هانس-غيورغ غادامير ترجمة وتقديم: محمد شوقي الزين
[5] – مفتاح التأويل في قراءة التراث الإنساني محمد شوقي الزين ص8
[6] – فلسفة التأويل ص65.
[7] – الهرمنيوطيقا هل لها مجال في الفكر الاسلامي خزعل غازي ص 2 لقد نشرتُ هذا البحث في مؤتمر الوحدة الإسلامي الخامس عشر المنعقد في طهران، وقد ارتئيت ان انشره في موقع الجامعة الإسلامية الموقر.
[8] – ماهية الهرمنيوطيقا
[9] مفتاح التأويل في قراءة التراث الإنساني محمد شوقي الزين ص8
[10] – الهرمنيوطيقا ومعضلة النص نصر أبو زيد ص 149
[11] – مارتن هيدجر والعلاقة ما بين الفلسفة والسياسة سميرة اليوسف ناقد من فلسطين يقيم في لندن
[12]– شـبهـة ورد فهم النص عرض ونقد( 1 )السيد هاشم الهاشمي
[13] – في ماهية اللغة وفلسفة التأويل ص 150.
[14] الفهم والتأويل والحجاج عز العرب لحكيم بناني ص 6.
[15] – الفهم والتأويل والحجاج عز العرب لحكيم بناني ص 6.
[16] – نفسه
[17]- شـبهـة ورد فهم النص عرض ونقد( 1 )السيد هاشم الهاشمي
[18] – هرمنيوطيقا النص الأدبي بين هيدجر وجادامر سعيد توفيق – عُُمان ص 3.
[19] – فلسفة التأويل ص 15.
[20] – الفهم وآليات التأويل والنص عبدالله المطيري ص 4
[21] – الهرمنيوطيقا والفكر المعاصر عمارة الناصر ص2
[22] – نفسه
[23] – مدخل إلى أسس فن التأويل التفكيك و التأويل ص 3
[24] – تأويلات وتفكيكات ص 37
[25] – الفهم والتأويل والحجاج عز العرب لحكيم
[26] – تأويلات وتفكيكات ص 338 – 39
[27] – فلسفة التأويل 123 – 126
[28] مدخل إلى أسس فن التأويل التفكيك و التأويل ص1
[29] فهم النص عرض ونقد( 1 )شـبهـة ورد
[30] مدخل إلى أسس فن التأويل(*) لتفكيك وفن التأويل(**) هانس-غيورغ غاداميرترجمة وتقديم: محمد شوقي الزين
[31] – تأويلات وتفكيكات ص 37
[32] – تأويلات وتفكيكات ص59.
[33] في ماهية اللغة وفلسفة التأويل سعيد توفيق ص
[34] – نفسه
[35] – فتجنيشتين فلسفة أم فلسفتان محمد محمد مدين ص 204 أوراق فلسفية
[36] – في ماهية اللغة وفلسفة التأويل سعيد توفيق ص 127.
[37] – في ماهية اللغة وفلسفة التأويل سعيد توفيق ص 135 – 136
[38] نفسه