اللغة العربية في التقارير الدولية

في إطار الحلقات الدراسية التي تنظمها وحدة الدراسات اللغوية ، استضاف مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة الدكتور فؤاد بوعلي في حلقة علمية بعنوان: اللغة العربية في التقارير الدولية  وذلك  يوم الخميس 07 يناير2010 في الساعة الثالثة مساء.

وقد أشار الأستاذ المحاضر في بداية مداخلته إلى أن التقرير الاجتماعي ليس مجرد دراسة توصيفية للحالة بقدر ما هو اقتراح آليات إجرائية للتنفيذ وضبط لمواطن الخلل التي تعترض التنمية البشرية السليمة . فالمنهجية التي يتبعها أي تقرير تعتمد على البحث العلمي وذلك بإشراك وبحث مستفيضين لآراء المستفيدين من عملية التنمية، ويتم ذلك من خلال إشراك اللجان المختلفة المخولة بالإشراف على عملية إنتاج التقرير ، ومن خلال تنظيم ورشات العمل بمشاركة فئات مختلفة في المجتمع ، وأيضا من خلال أسلوب المجموعات البحثية المركزة ودراسات الرأي العام في محاولة دمج وجهات النظر المختلفة في صياغة التقرير . مؤكدا على أن المؤسسات الدولية والعربية والوطنية ما فتئت تصدر التقارير تلو الأخرى حول التنمية البشرية في العالم العربي. وفي كل مرة نصطدم بالمكون اللغوي كعنصر تحديد لمستوى الرقي الحضاري والمعرفي. وركز المحاضر الحديث على ثلاثة تقارير هي : تقرير التنمية الإنسانية العربية الثاني (2003) الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بتعاون مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وتقرير المعرفة العربي للعام 2009 الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، وتقرير الحالة الدينية في المغرب 2007ـ2008 الذي أصدره المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة  .

ففي المحور الأول أشار إلى أن تقرير التنمية الإنسانية العربية الثاني (2003) الصادر  بعنوان:”نحو إقامة مجتمع المعرفة” جاء ليشخص واقع المعرفة في البلدان العربية، وليقترح رؤية استراتيجية من شأنها أن تسهم في توجيه العالم العربي نحو المعرفة وتقوده نحو إنتاجها. مؤكدا على الأهمية التي أولاها للغة في المجتمعات الإنسانية عموما؛ باعتبارها أبرز سمات المجتمع الإنساني والأداة التي تصنع من المجتمع واقعا. لكن اللغة العربية ـ كما يقول التقرير ـ لم تحظ بالأهمية المطلوبة، ولم تتم تهيئتها بالشكل المطلوب لبلوغ الأهداف المذكورة، بل الأكثر من هذا أنها تعاني من أزمة حقيقية حاول التقرير أن يرصد أهم تجلياتها على أبواب مجتمع المعرفة: تنظيرا، وتعليما، ونحوا، ومعجما، واستخداما، وتوثيقا، وإبداعا، ونقدا. وإلى مظاهر الأزمة هذه تضاف القضايا التي تثيرها تقانات المعلومات، وهي القضايا المتعلقة بمعالجة اللغة آليا بواسطة الحاسوب. ولتجاوز هذه الأزمة يقترح التقرير استغلال الثورة العلمية التي تشهدها اللغويات الحديثة (اللسانيات)، والتطور التقاني الهائل في “هندسة اللغة”، وما تزخر به شبكة الأنترنت من مواقع عديدة لتعليم وتعلم اللغة الإنجليزية للناطقين ولغير الناطقين بها، وتطوير مواقع مشابهة لخدمة اللغة العربية تخدم شتى الفئات وتعاظم الاهتمام العلمي بالتنوع اللغوي والمبادرات المشجعة التي تقوم بها مجموعات من الباحثين في عدد من الأقطار العربية في مجال نظرية الأدب وعلم النص الحديث والمعجميات، والإنجازات التي أثبتت جدواها في معالجة اللغة العربية آليا، وبخاصة في مجالات علم الصرف والنحو واستخدام الكمبيوتر في بناء المكانز العربية.

في المحور الثاني تناول الأستاذ المحاضر تقرير المعرفة العربي للعام 2009 الصادر تحت عنوان :  نحو تواصل معرفي منتج ، الذي  أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتومتقرير المعرفة العربي للعام 2009 . وقد تناول التقرير اللغة العربية باعتبارها لغة التداول الأساسية في الوطن العربي الكبير وباعتبارها أداة ضرورية لاستيعاب المعرفة الإنسانية المتراكمة وإنتاجها ونشرها، وتحويل المواطنين من أميين، أو علماء يعدون على رؤوس الأصابع، إلى مواطنين فاعلين يتعلّمون مدى الحياة. وقد تم تناول العربية في محاور أساسية هي : العربية ودورها في تشكيل مجتمع المعرفة ، دور  العربية في التعليم ، وضعها في شبكة الأنترنت و في الإبداع والبحث العلمي  . ليصل التقرير في الختام في رؤيته لبناء مجتمع المعرفة إلى الحث على مراجعة وضعية اللغة العربية وتطويرها والارتقاء بنسقها وقواعدها وإنشاء لغة إجرائية تقانية موصولة بأدوات دقيقة.

في المحور الثالث والأخير يتناول المحاضر تقرير الحالة الدينية في المغرب 2007ـ2008 الذي أصدره “مركز الدراسات والأبحاث المعاصرة”. وقد تناول التقرير قضية اللغة العربية في المحور الثالث المعنون بتحديات التدين بالمغرب حيث أشار  إلى أهم التجليات الإيجابية الوضع اللغوي للعربية من نحو الاهتمام الرسمي بالعربية وتقرير المجلس الأعلى للتعليم التوصيفي لضعف التلاميذ في التواصل بالعربية واهتمام المجتمع المدني . وفي مقابل هذه المواطن الإيجابية يرصد التقرير التحديات التي تعرفها العربية في المجتمع المغربي وأهمها : الدعوة إلى الدارجة والفرنكفونية .

وقد خلص الأستاذ المحاضر إلى جملة من الاستنتاجات المشتركة بين هذه النماذج الثلاثة ، منها النقد الذاتي للعربية وضرورة الإصلاح الذاتي للعربية واتفاقها على توصيف التحديات .